جوازة علي ورق 5 & 6

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .
­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

  قالت له وهي تمسك بكوب الشاي الذي أمامها وترشف منه بضع رشفات متتالية :
….. خير طبعا يا أخويا. … أشرب بس الشاي واحكيلك …….
جحظت عينا سعيد وهي تتابعا رشفات أم إيهاب المتتالية…. لا يستطيع أن يمنعها ولا أن ينطق ببنت شفة….ظل يتابعها في صمت مطبق حتى أنهت كوبها تماما ولم يتبقى سوى التفل في كعر الكوب ثم وضعته أمامه على الطاولة وهي تقول بطريقة كيدية :
….. كدا اقدر احكي بمزاج بعد ما ظبطت دماغي بكوباية الشاي دي
أبتسم لها سعيد بسخرية … وهو يحدث نفسه:
….. يلا على البركة … أنتِ اللي جبتيه لنفسك … داهية تاخدك بقا ونخلص منك
ثم قامت من مكانها ووقفت أمامهم بكل ثقة قائلة بعلو صوتها وهي تشيح بيديها بطريقة عصبية :
….. الست هانم بنتك المؤدبة المتريية قال إيه طلعت بتمثل …. بتغفلك وبتغفلنا كلنا بحكاية الجن والعفاريت ….
قام سعيد من مكانه وهو يزمجر قائلا:
….. أنتِ بتقولي إيه
تدخل إيهاب سريعا لتهدئة الموقف :
….. إيه اللي بتقوليه دي يا امي … رغد تعبانة فعلا والشيخ حسن أكد لنا كلنا
مصمصت شفتيها بسخرية قائلة بخبث واستهزاء :
…… أسكت مش أنا قابلته وهو نازل من عند أكرم ووقعته ف الكلام وبصراحة الراجل ماخدش ف أيدي غلّوة. ..غلبان واهبل زي صاحبه
ثم حدجته بنظرة غضب ووعيد وأكملت :
….. وبعدين أخرس أنت خالص دلوقتي وحسابك معايا بعدين
وقف سعيد مستمعاً لحديثهم المريب بقهر وغيظ شديدين …. وقبل أن يتحدث كانتا رغد وآمال منضمتان إليهم …. نظر إلى ابنته الصامتة أمامه وقال بنظرة شر :
…….. الكلام ده صح
رغد صامتة تماماً … قلبها يرتجف بشدة ويكاد ينخلع من كثرة الخوف. …
احمرت عينا سعيد بشدة ….ثم كرر كلامه ثانية ولكن بصوت أعلى وافزع :
….. بقولك ردي عليا … الكلام ده صح
تبكي آمال كعادتها …. تنظر إليها رغد بشفقة ثم تقف أمام والدها وتقول له بثقة وتحدي :
….. أيوة صح … أنا بقالي سنتين بمثل عليك
يرفع سعيد يداه في محاولة منه لضربها ولكن إيهاب يأتي سريعا ويقف حائل بينه وبينها ليحمي رغد من تلك الصفعة الطائشة ثم يقول له محذرا :
….. ماينفعش تضرب مراتي يا عم سعيد

قال له بسخرية :
…. بقت مراتك دلوقتي … طب إيه رأيك بقا إني هطلقكم …
رد عليه بهدوء تام :
…. طول ما هي على ذمتي تبقى مسئولة مني واستحالة تتهان بأي شكل
رمقه سعيد بعصبية ثم قال بغضب:
…… مش هتفضل على ذمتك كتير أنا هطلقها منك واجوزها لراجل حقيقي يعرف يشكُمها زي جوز رانيا مش دلدول زيك .. ده أنت ممكن تضيعها بهبلك ده
رغد تبكي بحرقة شديدة ثم تخرج عن صمتها وتفاجئ الجميع بكلماتها الجريئة وهي تقول لأبيها بصوت مبحوح :
….. بابا …. أنا بكرهك أوي ….أوي
جحظت عينا سعيد وتطايرت منها الدهشة ..لا يصدق ما سمع للتو ثم نظر إلى ابنته بذهول تام دون أن يتفوه بأي كلمة …. ليخرجه من هذه الحالة صوت قوي هز أركان الغرفة … وهو صوت ارتطام جسد أم إيهاب الممتلئ بأرض الغرفة الصلبة ……
اندفع الجميع إليها ف الحال … حملها كلا من إيهاب وسعيد وقاما بوضعها على الأريكة دون أن يشعر أحد بالعلبة التي وقعت من جيب سعيد بعشوائية على الأرض…. .
كانت تتنفس بصعوبة بالغة … صدرها يعلو ويهبط باضطراب …. لا تستطيع التحدث إطلاقا… تلوح بيديها يمنة ويسرة ثم تنظر لإبنها نظرة استنجاد وتغيب بعدها عن الوعي تماما …….
تقف رانيا في المطبخ وهي منهكة تماما … فمنذ أن عادت من بيت أختها وهي تخدم في منزل أم زوجها بلا رحمة … دخلت عليها أخت زوجها قائلة بتهكم :
….. خلصتي العشا يا رانيا ولا لسا
مسحت عرق جبينها بكفها ثم قالت بإرهاق:
….. خلاص قربت اهو
ردت عليها مستنكرة :
….. كان لازم يعني تروحي عند أختك النهاردة ما أنتِ عارفة إن خطيبي جاي يتعشى عندنا
…… معلش والله نسيت خالص … بس ثواني والأكل هيكون جاهز
لوت شفتيها بإمتعاض:
…. نسيتي. … طيب ياختي
وفي غضون ساعة كان العشاء مرصوصا بدقة على المائدة … أنهت رانيا ما وراءها من تنظيف المطبخ وغسل الأواني ثم صعدت إلى شقتها لكي ترتاح قليلا بعد مشقة هذا اليوم الطويل …بدلت ملابسها ثم مددت جسدها على السرير وهي تتألم من فرط الوجع … وقبل أن تغلق عينيها رنّ هاتفها …. نظرت إلى اسم أخت زوجها الذي يظهر على الشاشة وهي تتأفف وترد عليها …لتسمع صوتها وهي تقول :
…. نسيتي تعملي العصير يا رانيا يلا بسرعة انزلي اعمليه
تنهدت رانيا قائلة :
….. طيب ما ينفعش تعمليه أنتِ … أنا بجد تعبانة أوي
نهرتها قائلة :
….. واسيب خطيبي يعني يقعد لوحده … ولا اتصل ب أخويا واقوله يجي يقعد معاه هو لغاية لما اعمل أنا العصير
قالت رانيا بفزع:
….. لا خلاص متتصليش أنا نازلة حالا اهو
وبالفعل نزلت رانيا وصنعت لهم العصير على عجل ثم قدمته لهم وصعدت ف الحال .. ليقول خطيب أخت الزوج بأسف :
…… حرام عليكم والله تشغلوا البنت القمر دي خدامة عندكم
….. نعم يا أخويا. .. مين دي اللي قمر
أمسك كوب العصير ورشف منه ثم قال:
….. أيوة هي قمر … والله أنا لو متجوز واحدة زيها لأعيشها ملكة واجيبلها خدامين كمان
رمقته بعصبية وصمتت تماما فهي تعلم جيدا أخلاق خطيبها السيئة ولكن للأسف هي تعشقه حد الجنون لذلك لا تتحمل بعدها عنه نهائيا … ولا تتحمل أيضا مغازلته لغيرها …وبالتحديد مغازلته لرانيا زوجة أخيها …فهما سيتزوجان معهم ف نفس البيت… أي أنها ستكون أمامه بشكل مستمر ودائم …اشتعلت عيناها بنار الشر والغيرة ثم همست محدثة نفسها :
….. أنا لازم اخلص من رانيا دي بأي طريقة
وصلت عربة الإسعاف تحت منزل إيهاب سريعا و حملت أم إيهاب ف أحشائها ثم تحركت إلى المشفى في الحال …
وقف كلا من سعيد وآمال وحدهما تحت المنزل بعد أن ذهب الجميع مع عربة الإسعاف…. قالت آمال :
….. مش كان أصول برضه نروح معاهم عشان نطمن عليها
رمقها بغضب وهو يشاور لعربة أجرة :
….. واحنا مالنا احنا … هي كانت من بقية عيلتنا ….
ثم أكمل بعد أن ركبا كلا منهما العربة :
…… ماشي يا رغد يا أنا يا أنتِ
هرول كلا من إيهاب وأكرم ورغد إلى الطبيب الذي خرج من غرفة الكشف … قال إيهاب بتأثر واضح :
….. خير يا دكتور… امي مالها
عدل الطبيب من وضع عويناته قائلا بتردد :
….. هي والدتك بتاخد أدوية إيه بالظبط
رد عليه أكرم مسرعا :
…. بتاخد أدوية السكر والضغط بس يا دكتور
تلعثم الطبيب قليلا ثم قال لهم بأسف:
….. للأسف هي جالها هبوط حاد ف الدورة الدموية واضطراب ف عضلة القلب نتيجة جرعة مخدرات زيادة
شهق كلا منهم من هول الصدمة … ليندفع أكرم قائلا :
….. حضرتك بتقول إيه …. انت أكيد غلطان
تنهد الطبيب بحزن وقال وهو يناوله بعض الأوراق :
….. دي التحاليل والإشاعات عشان تتأكد بنفسك
أخذها منه وهو يتصفحها كالمجنون كأنه طبيب ويستطيع فهم ما بها بسهولة … بينما جلس إيهاب على أقرب مقعد وهو يحبس دمعة حزن دفينة بداخله……
ظلت أم إيهاب يومين كاملين ف الرعاية المركزة …. كما ظلت رغد مع إيهاب كتفا بكتف …. فهي حقا تشعر بحزنه وتتوجع لوجعه…. قالت له برفق وهي تجلس بجانبه :
….. متقلقش يا إيهاب هتبقى كويسة إن شاء الله

نظر لها بعين دامعة :
…. خايف أكون أنا السبب يا رغد
شعرت رغد أيضا بتأنيب الضمير … فهي السبب الرئيسي بهذا الدمار ….. لولا تمثيليتها الخادعة ما كان ليحدث كل هذا … لذلك قررت أن تختفي تماما عن هذه العائلة فور شفاء والدة إيهاب … يكفي ما سببته لهم من أذى…. فلقد حان الوقت لتتحمل مصابها وحدها …..
كاد سعيد أن يشيط غضبا … فابنته الصغرى خالفت كل توقعاته … فهو يشم رائحة جبروت نادية تفوح من شخصيتها ….. وهذا الإيهاب ليس برجل على الإطلاق…. لذلك يجب عليه التفريق بينهم مهما حدث حتى لا يفلت عيار ابنته الذي ظل محافظا عليه طيلة هذا العمر …
وضعت آمال أمامه كوب الشاي وهي تقول :
……. مش واجب برضه نزورهم ف المستشفى … الست بقالها تلات أيام ف العناية
رمقها مستهزئا:
….. أنا مش عارف بصراحة أنتِ بتفكري ازاي … أنتِ دماغك جزمة يا ولية أنتِ
تنهدت بحزن :
…. أنت معقد الدنيا ليه يا سعيد … ما الدنيا شكلها اتظبطت بين الوالد والبنت اهو . دي واقفة معاهم كأنها منهم …. مش ده اللي أنت كنت عايزه
….. أنا كنت فاكره راجل وهيحافظ عليها إنما ده شكله كدا هسيبلها الحبل على السايب وهيفسد أخلاقها
….. حرام عليك ده طيب ومحترم وهيعاملها أحسن معاملة
قال مستنكرا :
…. ما هي الأحسن معاملة دي هي اللي هتفلت عيارها. .. ويوم ما تحصل مصيبة أنا اللي هشيل العار…. لأن إسمي ورا اسمها إنما هو آخره يرمي عليها اليمين ويقطع القسيمة ويجيب بدلها أربعة مش واحدة بس
حزنت آمال لتفكير زوجها العقيم… فهي تشعر دائما أن هدفه الرئيسي هو كسر بناته فقط … ولكن لماذا …فهن المؤنسات الغاليات ….
خرجت أم إيهاب من الرعاية واستقرت في غرفة خاصة بها …. قالت لهم الممرضة :
… لو سمحت فين بنتها عشان تساعدنا نغير لها هدومها
ردت عليها رغد دون أي تردد:
…. أنا بنتها
ثم دخلت معها بلهفة ابنة حقيقية وليست زوجة ابن افتراضية إطلاقا……
اقترب أكرم من إيهاب ثم ربت على كتفه قائلا:
… ليك حق تحبها وتقف جنبها…. البنت دي استحالة تلاقي زيها تاني … اصل معادن الناس بتظهر ف المواقف وهي أثبتت نقاء معدنها رغم ظروفكم اللي مش مستقرة
ثم أكمل متسائلا :

….. معقول دي عندها 18 سنة بس ؟؟؟؟
سرح إيهاب بنظره لبعيد …. فهو تأكد أنه لا يحبها فقط بل يعشقها بكل جوارحه … ولكن هل تبادله نفس الإحساس. .. فهو لا يستطيع أن يفرض عليها حبه …. بل يريد أن يتذوق حلاوة حبها ولهفتها دون أي قيود أو ضغط يريد حبا متبادلا وليس من طرف واحد
قال أكرم :
…. إيه يا ابني …روحت فين …
رد عليه شاردا :
…. موجود اهو …هروح فين يعني
….. طيب بص أنا لازم امشي دلوقتي أشوف رنا واكلم والدتها تيجي تقعد معاها لغاية لما نعدي الأزمة دي …
قال إيهاب متعحبا
….. أنت كل ده ماقولتلهاش
….. ما أنت عارف إن والدة رنا تعبانة جدا خفت عليها تتعب أكتر لما تعرف حالة بنتها
وبالفعل ذهب أكرم ف الحال ليدخل إيهاب إلى امه ورغد …. وفور دخوله كاد قلبه أن يتحرك من مكانه فهو لأول مرة يرى شعر رغد منسابا خلف ظهرها بهذا الشكل … لأول مرة يكتشف أنها أجمل امرأة رأتها عيناه … أيعقل أن تكون حلاله وبعيدة عنه لهذا الحد ….. ما أصعب هذا الإحساس ووحشته ….
شهقت رغد فور دخوله المفاجئ وبحثت سريعا عن حجابها لتجده وتضعه على رأسها بطريقة غير منظمة …. فهو بالطبع رآها كثيرا بشعرها ولكن ليس بهذا الوضع .. فقد كانت دائما ما تلمه بشكل لا يلفت انتباهه إطلاقا. … تلعثمت بخجل قائلة :
…..أنا كنت بتوضا وبعدين طرحتي وقعت. .. قصدي شعري … أنا رايحة أصلي
قالت هذه الجملة وهي تمسك بسجادة الصلاة وتفرشها في ركن بعيد ثم شرعت في صلاتها بهدوء وسكينة
أبتسم إيهاب في خبث. .. كم يحب خجلها الممزوج بالبراءة والعفوية ثم اقترب من امه التي كانت نائمة ف هدوء تحسس على رأسها بحنان ورفع كفها ليقبله وهو يهمس :
….. ربنا يشفيك يا امي ياترا إيه اللي خلاكِ تشربي القرف ده
وصل أكرم شقته ليجد رنا على نفس حالها المزرى … أمسك هاتفه لكي يتصل بوالدتها ويطلب منها القدوم فهو يهتم بها لوحده منذ أيام دون جدوى .. ولكنه تذكر أن بطارية هاتفه فارغة منذ الصباح … لذلك بحث عن هاتفها ليجري منه الاتصال…. وما أن وجده حتى رأى العديد من الرسائل التي لم تقرأ بعد وجميعها من نفس الشخص … صديقتها غادة … فتح أول رسالة وكان مكتوب بها :
……. أخبار العمل ايه يا رنوش اشتغل ولا لسا … ياترا خلصتي من عروسة الغفلة اللي عندك
صُدم كثيرا ثم ظل يقلب ف باقي الرسائل بغضب إلى أن وصل إلى هذه الرسالة التي أرسلت بواسطة رنا :
….. أنا جهزت حاجة من قطرها زي ما الشيخة طلبت مني هما بيفرشوا الشقة اليومين دول عشان كدا كان سهل عليا اجيبها … وكمان هجيبلها حاجة من قطري أنا كمان عشان تشوف لي حل ف موضوع الخلفة ……..
ترك الهاتف ف الحال والغضب و الاشمئزاز يسيطران عليه تماما… لا يصدق أن زوجته البريئة تفعل مثل هذه الأمور…. فهي متعلمة ومن بيت متدين ذو خلق… كيف لها أن تسقط في دائرة الأسحار والخرافات …. وأين كان هو من كل هذا ………
اتصل بوالدتها لكي تأتي إليها … وأجّل موعد ابلاغها بقراره الذي اتخذه للتو إلى أن تُشفى تماما … فهو يريد مواجهتها وهي سليمة تماما فالحقوق لا تُرد وقت الضعف والمرض …..

ظلت أخت زوج رانيا تحوم حولها مثل البومة…. تريد أن توقعها في مكيدة ما لتخلص منها ….. وما أن اختلت بأخيها حتى قالت له بخبث :
…… بصراحة رانيا مراتك دي مشرفاني جدا قدام خطيبي
رد عليها بسعادة :
….. ليه يعني
قالت بلؤم :
….. بتعامله كأنه أخوها بالظبط … واول لما تعرف إنه جاي تجهز له الحلو كله … واحلى حاجة أنها رفعت الكُلفة بينهم لدرجة أنها بتقلع الطرحة قدامه وتقعد بشعرها عادي وهاتك يا هزار وفرفشة
صمت أخيها تماما ولكنه كان يغلي من داخله فهي تعلم جيدا أنه مجنون ويغار بشدة رهيبة وهي الآن زرعت بذرة الشك بقلبه لكي يشك ف أخلاق رانيا ويطلقها ف الحال وهكذا تكون تخلصت منها للأبد. …
قام ف الحال بعد أن تحولت ملامحه لبركان من غضب…. صعد إلى شقته ليجدها نائمة ف سلام …. شمر ساعديه وهرول إلى الحمام مسرعاً ليحضر خرطوم المياه ثم اندفع إليها مثل الثور الهائج
?‍♀️??
………………………….

قام ف الحال بعد أن تحولت ملامحه لبركان من غضب…. صعد إلى شقته ليجدها نائمة ف سلام …. شمر ساعديه وهرول إلى الحمام مسرعا ليحضر خرطوم المياه ثم اندفع إليها مثل الثور الهائج … جذبها من شعرها بعنف وقسوة ثم صدمها بالأرض … لتستيقظ من نومها مفزوعة ومصدومة من هذا التصرف الجنوني … وتقول بذعر :
…. ف إيه…ف إيه. …هتعمل إيه
ينهال عليها بعدة ضربات قوية وعنيفة في جميع أجزاء جسدها الهزيل دون التمييز بين وجه أو يد ….. يستمر بضربها وهو يصرخ بجنون قائلا :

….. بتخونيني أنا يا بنت سعيد …. بتتدلعي قدام الرجالة … ليه حق أبوكِ يكسرك تلاقيكِ شمال من زمان وأنا ماعرفش…..
كان يردد هذه الكلمات بفمه ويداه مستمرة في توزيع الضربات عليها دون توقف … بينما هي كانت تصرخ بشكل هيستيري من أثر الألم والوجع …ثم تتكوم ف الأرض مثل الجنين محتضنة جسدها بيديها لعلها تتفادى لسعة الخرطوم القارصة …. وتصرخ بأعلى صوت :
….. حرام عليك …والله ما عملت حاجة

تستيقظ ابنتهم الصغيرة ذات العامين وهي مفزوعة نتيجة لما يحدث ….. تهرول سريعا إلى امها وهي تبكي بخوف مستنجدة بها …
بينما الزوج القاسي لا يرى ابنته الصغيرة من شدة غضبه وعصبيته … لكي تنال الطفلة الصغيرة حظاً وفيراً من تلك الضربات … لتزداد صرخاتها الضعيفة وتلتحم مع صرخات امها….
تحتضن رانيا ابنتها بشدة لكي تحميها من لسعات هذا الخرطوم الحاد تحاول الهرب بها بعيدا عنه ولكنها لا تستطيع الوقوف من شدة الضربات وقسوتها … تبكي بنحيب مؤلم:
….. حرااااام عليك….. البنت هتموت يا مفتري ….

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

لتتحقق جملتها الأخيرة ف الحال …. فإذا بإبنتها الصغيرة تقطع النفس تماما و ترتخي عضلاتها في استسلام تام لمشيئة الله …..
تتركها رانيا على الأرض وهي واجمة وتقول :
….. اصحي يا حبيبتي …. فوقي يا ماما … ماتعمليش فيا كدا عشان خاطري
يدرك زوجها هول الموقف الذي يعيشانه .. فابنته الوحيدة ماتت للتو بسببه … وهو الذي قتلها بهذا الخرطوم الموحش….ينظر إليه نظرة مستنكرة ويقذف به بعيدا عن أنظاره ثم يهرول إلى جثة ابنته الملقاة على

الأرض…يرمقها بفزع وهو يحملها قائلا :
…. أنتِ صحيتي امتى …. جيتي هنا ازاي … أنا ماشوفتكيش … ماشوفتكيش قدامي نهائي
لتجذبها منه رانيا بشدة فهي لا تصدق خبر موتها … لتقول بتهتهته:
……أنا هوديها المستشفى دلوقتي… هوديها

تحملها بين يديها وتحاول الوقوف بها فتخونها رجليها وتسقط بها على الأرض …لا تستطيع الوقوف نهائيا فجسدها كله إصابات دامية …ولكنها لم تتوقف …فقلب الأم لا يمل ولا ييأس لذلك زحفت على الأرض بكل طاقتها وهي تشد ابنتها بيديها الضعيفة في محاولة أخيرة منها لإنقاذها …
ظلت تزحف بيد وتشدها باليد الأخرى وكلما زحفت أكتر كلما زاد كم الدماء المتدفق من بين رجليها … فلقد كانت تنزف بكثافة أدت بها إلى الإغماء …..
بدأت حالة أم إيهاب في التحسن … ولكنه كان تحسن بطي للغاية وله مضاعفاته السلبية.. فهذا المخدر دمر مركز الأعصاب لديها فأصبحت لا تقدر على التكلم بصورة طبيعية ولا تتحمل مسك أي شيء بيديها

نهائيا.. فيداها ترتعش طيلة الوقت دون سبب…والمؤسف أنها أصبحت تبلل ملابسها دون أن تشعر بتاتا ……..
أحضرت رغد الطعام وجلست بجانبها لتطعمها في فمها بعطف كبير… ولكن أم إيهاب لا تستطيع تحمل عطفها بالمرة… فمع كل لقمة تدخل معدتها تتذكر نيتها السيئة تجاهها فتذرف شلالات من الدموع والحسرة أسفاً على هذه الفتاة الطيبة ذات المعدن الذهبي….
ترى رغد دموعها فتمسحها عنها سريعا وهي تربت على ظهرها بحنو حقيقي … مما يزيد من ألم أم إيهاب وتأنيب ضميرها …

يتقابل كلا من رغد وإيهاب خارج الغرفة ليبتسما الاثنان ف الحال …ثم تقول رغد بإبتسامة :
…. لو سمحت عايزة مفتاح البيت عشان اجيب غيارات لطنط …..
يغتنم إيهاب الفرصة قائلا بود:
….طب ما تيجي نروح مع بعض

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

تبتسم رغد وتومئ برأسها. …. ليذهبا سويا والفرحة تختلج قلوبهما وتعشش بها… يقود إيهاب السيارة ببطيء شديد فهو يريد قضاء أطول مدة من الوقت بجانبها …. بينما تجلس رغد بجانبه وتشعر بأنها قد ملكت الدنيا بأكملها. … ليتشجع إيهاب ويقول :
…… ايه رأيك لو نطول مدة الشهر شوية … يعني عشان الظروف الجديدة اللي حصلت
تبتهج رغد رغما عنها لتتورد وجنتيها وتقول له بخجل :

…. مفيش مشكلة
يشعر إيهاب بسعادتها ويرقص قلبه فرحا …. أخيرا ستكتمل قصة حبه الغريبة وسيتحول لزوج حقيقي بعد أن كان زوجاً افتراضياً ….
تدخل رغد شقة أم إيهاب فور وصولهم لتحضير الملابس بينما يصعد إيهاب لشقته لتبديل ملابسه . ..وبعد انتهائه يتذكر فقدانه لشاحن هاتفه منذ أيام … فيبحث عنه سريعا قبل أن يغادر بادئاً بغرفة الضيوف … يدخلها على عجل ويبحث ف كل ركن فيها ليتفاجأ بعلبة بيضاء صغيرة ملقاة على الأرض بإهمال. … ينحني لكي يحضرها ثم يندهش تمام ويقول بصدمة:

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

…… مخدر
يقف مذهولاً لبضع لحظات ثم يقطب جبينه وهو يهمس لنفسه:
…. معقول يا رغد .. أنتِ اللي بتحطي القرف ده لأمي. ……
يخبئها سريعا وينزل ف الحال إلى رغد التي تنتظره في شقة والدته …. تقول له بابتسامة فور رؤيته:

…. أنا أخدت لها أكتر من غيار عشان مانفضلش رايحين جايين
ليرد عليها بلا مبالاة ووجه عابس :
…. كويس … يلا عشان مانتأخرش
تندهش رغد من طريقة كلامه الجافة فهو كان سعيدا للغاية منذ دقائق قليلة فقط … ثم تعبس هي الأخرى وتركب بجانبه في صمت مطبق……

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

يمسك سعيد هاتفه ويجري اتصالا مهما من وجهة نظره … يبحث عن الإسم ليجده ويضغط زر الاتصال … ليأتيه صوت غليظ :
….. الو عم سعيد
….. بقولك إيه أنا عايز علبة تانية من المخدر ده
….. أنت لحقت تخلص اللي معاك

…. أنت مالك أنت مش هتاخد حقك يبقى تسكت خالص
….. ماشي يا عمنا هجهزالك واعرفك
يقفل سعيد معه وهو يغلي غضبا … كيف تختفي هذه العلبة بهذا الشكل …. فهو يحتاجها لتنفيذ خطته الجديدة التي لا غبار عليها هذه المرة …. فهو بدل الخطة تماما…لماذا يختار الصعب بينما السهل أقرب وأسرع .. لماذا يؤذي إيهاب وابنته موجودة فهي الأولى والأحق فعندما يعطيها تلك الحبوب سيتبخر عقلها و يرتاح منها نهائيا ويطمئن قلبه أخيرا …. فهي متعجرفة من صغرها مثل نادية لذلك سوف يقُص هذا

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

التعجرف بمقص الجنان والهلاوس……
تهرول إليه آمال مسرعة لتقطع حبل تفكيره وهي تقول :
….. الحقني يا سعيد … رانيا محجوزة ف المستشفى
الجميع يلتف حولها بحزن شديد … فشكلها صعب لدرجة قاسية … لا يوجد بها مكان واحد سليم دون كدمات أو جروح …. فهي دُمرت داخلياً وخارجياً. .. تقترب منها آمال مشفقة عليها وعلى موت حفيدتها

الصغيرة بينما أختها رحاب تتوعد لزوجها شر وعيد … ثم يدخل ضابط شرطة ويقول :
…. لو سمحت أقدر أخد أقوالها
ليقول سعيد ف الحال :
…. أقوال ايه بس يا حضرة الظابط. ..

….. أقوال المصابة تقرير المستشفى بيثبت أنها حالة تعدي عليها وعلى بنتها الصغيرة
….. لا يا فندم دي وقعت من على السلم هي وبنتها وللأسف البنت ماستحملتش الوقعة وماتت
ثم يشيح بوجهه تجاه أم زوج رانيا الخائفة ويكمل قائلا :
….. حتى حماتها اهي قدامك أسألها هي اللي جابتهم بنفسها المستشفى

لتطمئن أم زوجها ف الحال وترمق سعيد بنظرة شكر وامتنان وتقول للضابط:
… أيوة يا حضرة الضابط هي فعلا وقعت من على السلالم هي وبنتها
يرمقهم الضابط بأسف دفين … فهو يعلم أنهم يخبون الحقيقة ولكن صدمته تكمن في هذا الأب القاسي …. ثم يقول لهم بإصرار :
….. أنا برضه هرجعلها تاني واخد اقوالها لازم اسمع الكلام ده منها شخصيا

ليرد عليه سعيد :
…. هتقولك نفس الكلام طبعا … معقول بنتي تكدبني وتكدب حماتها
تبتسم أم زوجها بخبث بينما تبكي آمال قهرا ….
وبينما يدير الضابط ظهره ويتجه نحو باب الغرفة لكي يرحل يتخلل لأذانه صوت أنثوي ضعيف يقول بوهن :

…. هو اللي ضربني يا حضرة الضابط وقتل بنتي كمان ….
يشهقا كلا من أم زوجها وسعيد …. بينما آمال ورحاب يساعدنها للنهوض لكي تستطيع التحدث بصورة أوضح …. يقترب الضابط منها ويقول محفزا:
….. مين هو ده … اتكلمي متخافيش
لتقول له بصوت يكاد يكون مهموسا:

…. جوزي.. وعايزة كمان أعمل محضر في أبويا. ……..
لتجحظ جميع الأعين الموجودة في الغرفة ويحتل الصمت أفواه الجميع …….
تحسنت حالة رنا كثيرا بعد جلسات القرآن المستمرة …. فهي الآن تشعر بوجودهما و بكل ما يحدث حولها … تقول لها أمها بحزن:
….. أنا مش عارفة بس مين المؤذي اللي عمل فيكِ كدا …

تصمت رنا تماما … لتكمل امها :
…. بس أكرم ده ابن حلال مصفي …. لو شُفتِ كان قلقان عليكِ ازاي
تبتسم رنا ف حزن … فهي تعلم أنه رجل بمعنى الكلمة ولكن للأسف امه العقربة هي التي تنغص عليها حياتها وبالذات ف موضوع الحمل والأولاد. ..
يدخل أكرم الغرفة عليهما … فتتركهما والدتها وحدهما ف الحال .. يرقص قلب رنا فرحا فور رؤيته لتقترب منه وهي تحاول أن تحتضنه وتقول:

….. وحشتني
ليبعد يديها عنه قائلا بحزم :
…… أنتِ طالق
ثم يتجه لخارج الغرفة وهو يقول بسخرية :

….. الدولاب بتاعي عندك اهو ماتنسيش بقا تعمليلي عمل من أعمالك الحلوة
تصدم رنا وتجحظ عيناها بشدة … هل ما سمعته حقيقة … هل طلقها أكرم بالفعل ام أنها لا زالت تحت تأثير العمل وهذا كله حلم مفزع ……
خرجت أم إيهاب من المشفى ووصلت بيتها بسلام …. ساعدتها رغد لتفرد جسدها على السرير ….لترمقها بحب قائلة :
….. سامحيني يا رغد … أنا ظلمتك جامد أنتِ وإيهاب

ابتسمت رغد قائلة :
…. سامحيني أنتِ يا طنط أنا السبب ف كل ده
يقف إيهاب عند باب الغرفة ويتابعهم في صمت ثم ينظر إلى رغد بقهر و يحدث نفسه قائلا :
….. طبعا لازم تحسي بتأنيب الضمير يا ست رغد ما أنتِ السبب فعلا

تجلس أم زوج رانيا حزينة على حال ابنها .. فالشرطة قبضت عليه بتهمة قتل ابنته وضرب زوجته ضرب مبرح …. زيادة على عقله الذي ذهب تماما من هول ما حدث أمام عينيه …..
لتقول لها ابنتها :
… يعني إيه أخويا كدا ضاع خلاص
تبكي امها قائلة :

…. المحامي بيقول حتى لو ما اتسجنش هيتحول لمستشفى الأمراض العقلية
….. معقول أبو رانيا مش قادر يخليها تتنازل عن المحضر …..ما طول عمره كسرها إيه الجديد يعني
تتنهد الأم قائلة :
…. قادر إيه بس … دي عملت فيه محضر عدم تعدي … والضابط منعه من الدخول عندها تماما

ثم تبكي بحرقة قائلة :
…. يا حبيبي يا ابني … يا خسارة شبابك اللي ضاع
تشعر ابنتها بتأنيب الضمير … لا على رانيا وابنتها بل على أخيها وسندها الوحيد في هذه الحياة ……
تتصل رحاب برغد لتخبرها بما حدث لرانيا … تبكي رغد بحرقة وتنهار تماما .. يسمع إيهاب نحيبها ويأتي مسرعا :

….. ف إيه يا رغد … بتعيطي كدا ليه
….. بنت رانيا أختي ماتت
يتأثر إيهاب كثيرا لحالها .. فهو لا يتحمل بكائها إطلاقا…يقترب منها ويجذبها إليه بشدة لتستقر ف حضنه وترتوي من هذا الحنان الذي طالما افتقدته طيلة حياتها… ظلا هكذا دون أن يتفوها بأي كلمة … فكلا منهما يستمد طاقته من الآخر لتكتمل روحه … فهما ناقصان دون بعضهما …….

اجتمع الجميع ف المشفى حول رانيا لمواساتها عدا سعيد … فهو ممنوع من زيارتها بأمر من النيابة …. ولكن وجودهم لا يفرق مع رانيا في شيء. .. فهي فقدت للتو قطعتين من قلبها أمام عينيها ….ابنتها وجنينها الذي كان ينمو ف أحشائها دون علمها …. هل تستطيع المواساة إصلاح ما تم فسده … استرجاع ما فُقد منا غدرا …..
تقترب منها رغد وتمسح على رأسها بشفقة:
….. قدر الله وما شاء فعل … بنتك ف الجنة يا رانيا … في مكان أحسن وأرحم بكتير من هنا

رانيا صامتة تماما …. واجمة وملامحها باهتة حتى دموعها جفت وانتهت …
تبكي رغد لحالها كثيرا … لا تستطيع تحمل منظرها البتة… وأكثر ما يحزنها أنها كانت تعلم جيدا أن مصيرها سيكون بهذه القسوة … فالتنازل عن الحقوق والهوان بها نهايتها مأساة بلا شك …..
تخرج من الغرفة لتجد إيهاب واقفا مع زوج رحاب أختها. … تذهب لتقف بجانبه فهو ملاذها الوحيد ومصدر أمنها …. ليقول لها مطمئنا :
….. أنا اتكلمت مع الدكتور وبيقول أنها محتاجة جلسات تأهيل نفسي ف أسرع وقت

تنهدت بحزن وأومأت برأسها … فجميعهن يحتجن لهذه الجلسات بعد أن دمرهن هذا السعيد. ….
يقابل سعيد نفس الشخص ويأخذ منه علبة المخدر …. يضعها ف جيب بنطاله ثم يتركه ويتمشى شاردا ف الطرقات …. لا يجد مكان يسعه كأنما هذا العالم أصبح لا يناسبه.. يضيق عليه حتى يكاد يخنقه…. لم يتوقع أن يفقد سيطرته على بناته إلى هذا الحد … فابنته الكبرى قدمت فيه بلاغا بعدم التعدي …. كيف تجرؤ على هذا الفعل المشين … كيف يضيع تعب السنين الفائتة هباءً ….
أخرجه صوت هاتفه عن شروده… ليجيب قائلا :

…. حاضر أنا جايلك ف الطريق اهو
يأخذ سيارة أجرة ويذهب سريعا إلى موعده السري …. المكان الذي طالما ذهب إليه كلما ضاقت به الدنيا …. ليصل إلى المبنى السكني ذي العلو الشاهق … ثم يصعد السلم مهرولا إلى أن يقف أمام باب الشقة المُبهم … ليطرق عليه عدة طرقات متتالية …. لينفتح الباب وتظهر هي من خلفه …. تفتح يديها على آخرهما ليرتمي هو بين أحضانها بلهفة ويقول :
…. وحشتيني أوي يا نادية …………..

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top